فصل: ذِكْرُ مَنْ لَهُ عُذْرٌ فِي التَّخَلُّفِ عَنِ الْجُمُعَةِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف



.ذِكْرُ الْمُقِيمِ يُسَافِرُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ:

اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْمُقِيمِ يُرِيدُ الْخُرُوجَ إِلَى الْسَّفَرِ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا بَأْسَ بِالسَّفَرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مَا لَمْ يَحْضُرِ الْوَقْتُ، وَكَذَلِكَ قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَابْنُ سِيرِينَ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَقَدْ رُوِّينَا أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَأَى رَجُلًا يُرِيدُ السَّفَرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَهُوَ يَنْتَظِرُ الْجُمُعَةَ فَقَالَ عُمَرُ: إِنَّ الْجُمُعَةَ لَا تَحْبِسُ عَنْ سَفَرٍ، وَرُوِيَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ أَنَّهُ خَرَجَ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ بَكْرَةً يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَلَمْ يَنْتَظِرِ الصَّلَاةَ.
1737- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَأَى رَجُلًا يُرِيدُ السَّفَرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَهُوَ يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ، فَقَالَ عُمَرُ: إِنَّ الصَّلَاةَ لَا تَحْبِسُ عَنْ سَفَرٍ.
1738- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ التَّيْمِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، قَالَ: خَرَجَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ بَكْرَةَ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَلَمْ يَنْتَظِرِ الصَّلَاةَ. وَكَرِهَتْ طَائِفَةٌ الْخُرُوجَ إِلَى السَّفَرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ حَتَّى يُصَلِّيَ، رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ لِوَاقِدٍ: لَا تَرُحْ حَتَّى تَجْمَعَ ثُمَّ تُسَافِرَ حَيْثُ شِئْتَ، وَرُوِّينَا عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: إِذَا أَدْرَكْتَ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ فَلَا تَخْرُجْ حَتَّى تُصَلِّيَ الْجُمُعَةَ.
1739- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ إِلَى ابْنِ عُمَرَ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يُسَافِرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ: لَا تَرُحْ حَتَّى تُجَمِّعَ ثُمَّ تُسَافِرَ إِنْ شِئْتَ.
1740- حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: إِذَا أَدْرَكْتَ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ فَلَا تَخْرُجْ حَتَّى تُصَلِّيَ الْجُمُعَةَ. وَرَوِيَتْ أَخْبَارٌ عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، وَمُجَاهِدٍ، وَغَيْرِهِمَا تَدُلُّ عَلَى كَرَاهِيَةِ الْخُرُوجِ فِي الْأَسْفَارِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، قَالَ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ: قَلَّ مَا خَرَجَ رَجُلٌ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ إِلَّا رَأَى مَا يَكْرَهُ، فَلَوْ نَظَرْتَ كَذَلِكَ وَجَدْتَهُ كَذَلِكَ.
وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: وَإِنْ كَانَ يُرِيدُ السَّفَرَ لَمْ أُحِبَّ لَهُ فِي الِاخْتِيَارِ أَنْ يُسَافِرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بَعْدَ الْفَجْرِ، وَلَهُ أَنْ يُسَافِرَ قَبْلَ الْفَجْرِ، وَقَالَ: إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ فَلَا يُسَافِرْ أَحَدٌ حَتَّى يُصَلِّيَ الْجُمُعَةَ، وَسُئِلَ الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ مُسَافِرٍ سَمِعَ أَذَانَ الْجُمُعَةِ وَقَدْ أَسْرَجَ دَابَّتِهِ وَحَمَلَ ثِقَلَهُ قَالَ: فَلْيَمْضٍ، وَقِيلَ لِأَحْمَدَ: تُسَافِرُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ؟ قَالَ: مَا يُعْجِبُنِي، وَكَذَلِكَ قَالَ إِسْحَاقُ فِي تِجَارَةٍ وَغَيْرِهَا.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا أَعْلَمُ خَبَرًا ثَابِتًا يَمْنَعُ مِنَ السَّفَرِ أَوَّلَ نَهَارِ الْجُمُعَةِ إِلَى أَنْ تَزُولَ الشَّمْسُ، وَيُنَادِيَ الْمُنَادِي، فَإِذَا نَادَى الْمُنَادِي وَجَبَ السَّعْيُ إِلَى الْجُمُعَةِ عَلَى مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ، وَلَمْ يَسَعْهُ الْخُرُوجُ عَنْ فَرْضٍ لَزِمَهُ، فَلَوْ أَبْقَى الْخُرُوجَ فٍي يَوْمِ الْجُمُعَةِ إِلَى أَنْ يَمْضِيَ الْوَقْتُ كَانَ حَسَنًا، وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَبَرًا يَدُلُّ عَلَى إِبَاحَةِ الْخُرُوجِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مَا لَمْ يَحْضُرِ الْوَقْتُ.
1741- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنِ الْحَجَّاجِ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَّهَ عَبْدَ اللهِ بْنَ رَوَاحَةَ الْأَنْصَارِيَّ، وَجَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، وَزَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ، فَتَخَلَّفَ عَبْدُ اللهِ بْنُ رَوَاحَةَ فَقَالَ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا خَلَّفَكَ؟» قَالَ: الْجُمُعَةُ يَا رَسُول اللهِ، أُجَمِّعُ ثُمَّ أَرُوحُ، فَقَالَ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَغَدْوَةٌ فِي سَبِيلِ اللهِ أَوْ رَوْحَةٌ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، فَرَاحَ مُنْطَلِقًا».

.ذِكْرُ مَنْ لَهُ عُذْرٌ فِي التَّخَلُّفِ عَنِ الْجُمُعَةِ:

ثَابِتٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ اسْتُصْرِخَ عَلَى سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ بَعْدَمَا ارْتَفَعَ الضُّحَى، فَأتَى ابْنُ عُمَرَ بِالْعَقِيقِ وَتَرَكَ الْجُمُعَةَ حِينَئِذٍ.
1742- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أنا يَحْيَى، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ اسْتُصْرِخَ عَلَى سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بَعْدَمَا ارْتَفَعَ الضُّحَى، فَأَتَاهُ ابْنُ عُمَرَ بِالْعَقِيقِ وَتَرَكَ الْجُمُعَةَ حِينَئِذٍ.
1743- وَأَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ نَجِيحٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرِ دُعِيَ وَهُوَ يَسْتَجْمِرُ لِلْجُمُعَةِ لِسَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ وَهُوَ يَمُوتُ، فَأَتَاهُ وَتَرَكَ الْجُمُعَةَ وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ قُلْتُ لِعَطَاءٍ: أَتَيْتُ عِنْدَ الْمِنْبَرِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَاسْتَصْرَخْتُ عَلَى وَالِدِي، أَكُنْتُ قَائِمًا إِلَيْهِ وَتَارِكًا لِلْجُمُعَةِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: فَوَلَدٌ وَابْنُ عَمٍّ؟ قَالَ: نَعَمْ، لَمْ أَقُمْ إِلَّا فِي خَيْرٍ وَصِلَةٍ لَمْ تُلْهِنِي عَنِ الْجُمُعَةِ الدُّنْيَا، وَكَانَ الْحَسَنُ يَقُولُ: لَا رُخْصَةَ لِأَحَدٍ فِي تَرْكِ الْجُمُعَةِ إِلَّا أَنْ يَخَافَ عَلَى نَفْسِهِ، أَوْ صَاحِبَ جِنَازَةٍ يَخْشَى عَلَيْهَا. وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ فِي صَاحِبِ الْجِنَازَةِ الَّتِي يَتَخَوَّفُ عَلَيْهَا أَنْ تَتَغَيَّرَ؟ قَالَ: يُعْذَرُ فِي تَخَلُّفِهِ عَنِ الْجُمُعَةِ، وَقَالَ: لَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا لِمَنْ يَجُودُ بِنَفْسِهِ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: فِيمَنْ مَرِضَ لَهُ وَلَدٌ، أَوْ وَالِدٌ فَرَآهُ مَنْزُولًا بِهِ، وَخَافَ فَوْتَ نَفْسِهِ، فَلَا بَأْسَ أَنْ يَدَعَ لَهُ الْجُمُعَةَ، وَكَذَلِكَ إِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ بِهِ وَكَانَ ضَائِعًا لَا قَيِّمَ لَهُ، أَوْ لَهُ قَيِّمٌ غَيْرَهُ، لَهُ شُغُلٌ فِي وَقْتِ الْجُمُعَةِ عَنْهُ، فَلَا بَأْسَ أَنْ يَدَعَ لَهُ الْجُمُعَةَ.

.ذِكْرُ الرُّخْصَةِ فِي التَّخَلُّفِ عَنِ الْجُمُعَةِ فِي الْأَمْطَارِ إِذَا كَانَ وَابِلًا:

1744- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: ثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: ثنا نَاصِحُ بْنُ الْعَلَاءِ الْقُرَشِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمَّارُ بْنُ أَبِي عَمَّارٍ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ أَنَّهُ مَرَّ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ الْقُرَشِيِّ وَهُوَ قَائِمٌ عَلَى نَهَرٍ أُمِّ عَبْدِ اللهِ، وَهُوَ يَسِيلُ الْمَاءُ مَعَ غِلْمَتِهِ وَمَوَالِيهِ، فَقَالَ لَهُ: الْجُمُعَةُ يَا أَبَا سَعِيدٍ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَمُرَةَ: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِذَا كَانَ مَطَرٌ وَابِلٌ فَلْيُصَلِّ أَحَدُكُمْ فِي رَحْلِهِ».

.ذِكْرُ أَمْرِ الْإِمَامِ الْمُؤَذِّنَ أَنْ يَقُولَ فِي أَذَانِ الْجُمُعَةِ إِنَّ الصَّلَاةَ فِي الْبُيُوتِ لِيَعْلَمَ السَّامِعُ أَنَّ التَّخَلُّفَ عَنِ الْجُمُعَةِ مُبَاحٌ فِي حَالِ الْمَطَرِ:

1745- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، أَمَرَ مُنَادِيَهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي يَوْمٍ مَطِيرٍ فَقَالَ: إِذَا بَلَغْتَ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ فَقُلْ الصَّلَاةُ فِي الرِّحَالِ، فَقِيلَ لَهُ: مَا هَذَا؟ قَالَ: فَعَلَهُ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْجُمُعَةِ: نَحْنُ نَقُولُ: هِيَ عَلَى مَنْ كَانَ مَنْزِلُهُ ثَلَاثَةَ أَمْيَالٍ وَاجِبَةٌ، قَالَ: وَإِنَّهُمْ أَصَابَهُمْ مَطَرٌ شَدِيدٌ، قَالَ: لَا يُعْتَدُّ الْمَطَرُ عُذْرًا، قَالَ: فَقُلْتُ: أَوَ لَمْ يَجِئْ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نِدَاءِ الْجُمُعَةِ فِي يَوْمِ مَطَرٍ الصَّلَاةُ فِي الرِّحَالِ قَالَ: تِلْكَ جُمُعَةٌ كَانَتْ فِي سَفَرٍ، وَلَيْسَتْ جُمُعَةُ السَّفَرِ وَاجِبَةً.
وَقَالَ أَحْمَدُ فِي الْجُمُعَةِ فِي الْمَطَرِ عَلَى حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ، وَأَمَّا الْجَمَاعَةُ فَعَلَى حَدِيثِ أَبِي الْمَلِيحِ، وَقَالَ إِسْحَاقُ: عَلَى كِلَا الْحَدِيثَيْنِ الْعَمَلُ، لِأَنَّهُ عُذْرٌ.

.ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي الْقُرَى الَّتِي يَجِبُ عَلَى أَهْلهَاِ الْجُمُعَةِ:

اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْأَمْصَارِ وَالْقُرَى الَّتِي يَجِبُ عَلَى أَهْلِهَا الْجُمُعَةُ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: كُلُّ قَرْيَةٍ فِيهَا جَمَاعَةٌ فَعَلَيْهِمْ أَنْ يُصَلُّوا الْجُمُعَةَ، رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ، قَالَ: إِنَّ أَوَّلَ جُمُعَةٍ جُمِعَتْ بَعْدَ جُمُعَةٍ بِالْمَدِينَةِ، لَجُمُعَةٌ جُمِعَتْ بِجُوَاثَى مِنَ الْبَحْرَيْنِ، وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ كَانَ يُرِي أَهْلَ الْمِيَاهِ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ يُجَمِّعُونَ وَلَا يَعِيبُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ.
1746- حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ عَمَّارٍ، قَالَ: ثنا حَفْصُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ هُوَ ابْنُ طَهْمَانَ، عَنْ أَبِي جَمْرَةَ الضُّبَعِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ أَوَّلَ جُمُعَةٍ جُمِّعَتْ بَعْدَ جُمُعَةٍ بِالْمَدِينَةِ لَجُمُعَةٌ جُمِّعَتْ بِجُوَاثَى مِنَ الْبَحْرَيْنِ.
1747- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَرَى أَهْلَ الْمِيَاهِ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ يُجَمِّعُونَ فَلَا يَعِيبُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ وَرُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى أَهْلِ الْمِيَاهِ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ أَنْ يُجَمِّعُوا، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: كُلُّ قَرْيَةٍ عَلَيْهِمْ أَمِيرٌ يَجْمَعُ فِيهَا، وَرُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّهُ كَتَبَ: أَيُّمَا قَرْيَةٍ فِيهَا أَمِيرٌ يَقْضِي وَيُقِيمُ الْحُدُودَ فَإِنَّهُ يُجَمِّعُ فِيهَا، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: كُلُّ مَدِينَةٍ أَوْ قَرْيَةٍ عَلَيْهَا أَمِيرٌ أُمِرُوا بِالْجُمُعَةِ فَلْيُجَمِّعْ بِهِمْ أَمِيرُهُمْ، وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ: كُلُّ مَدِينَةٍ أَوْ قَرْيَةٍ فِيهَا جَمَاعَةٌ، وَعَلَيْهِمْ أَمِيرٌ أُمِرُوا بِالْجُمُعَةِ فَلْيُجَمِّعْ بِهِمْ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا جُمُعَةَ وَلَا تَشْرِيقَ إِلَّا فِي مِصْرٍ جَامِعٍ، يُرْوَى هَذَا الْقَوْلُ عَنْ عَلِيٍّ.
1748- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا أَبُو عُمَرَ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ زُبَيْدٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: لَا جُمُعَةَ وَلَا تَشْرِيقَ إِلَّا فِي مِصْرٍ جَامِعٍ. وَبِهِ قَالَ النَّخَعِيُّ، وَكَانَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ يَقُولَانِ: لَا جُمُعَةَ إِلَّا فِي مِصْرٍ، أَوْ قَالَ: فِي الْأَمْصَارِ. وَقَالَ الْحَسَنُ: إِنَّ عُمَرَ مَصَّرَ سَبْعَةَ أَمْصَارٍ أَوْ قَالَ: مَصَّرَ الْأَمْصَارَ سَبْعَةً: الْمَدِينَةَ، وَالْبَحْرَيْنِ، وَالْبَصْرَةَ، وَالْكُوفَةَ، وَالْجَزِيرَةَ، وَالشَّامَ، وَمِصْرَ، وَقَالَ النُّعْمَانُ، وَابْنُ الْحَسَنِ: لَا تَجِبُ الْجُمُعَةُ إِلَّا عَلَى أَهْلِ الْأَمْصَارِ، وَالْمَدَائِنِ، وَحُكِيَ عَنْ يَعْقُوبَ أَنَّهُ قَالَ: تَفْسِيرُ الْمِصْرِ الْجَامِعِ وَالْمَدِينَةِ، كُلُّ مِصْرٍ وَمَدِينَةٍ فِيهَا مِنْبَرٌ وَقَاضٍ يُنْفِذُ الْأَحْكَامَ، وَيَجُوزُ حُكْمُهُ وَيُقِيمُ الْحُدُودَ قَالَ: فَهَذَا مِصْرٌ جَامِعٌ فِيهِ الْجُمُعَةُ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: كُلُّ قَرْيَةٍ فِيهَا أَرْبَعُونَ رَجُلًا وَالْقَرْيَةُ الْبِنَاءُ بِالْحِجَارَةِ، وَاللَّبِنِ، وَالْجَرِيدِ، وَالشَّجَرَةِ، وَتَكُونُ بُيُوتُهَا مُجْتَمِعَةً، وَيَكُونُ أَهْلُهَا لَا يَظْعَنُونُ عَنْهَا شِتَاءً وَلَا صَيْفًا إِلَّا ظَعْنَ حَاجَةٍ، فَإِذَا كَانُوا أَرْبَعِينَ رَجُلًا أَحْرَارًا بِالْغَيْنِ، رَأَيْتُ وَاللهُ أَعْلَمُ أَنَّ عَلَيْهِمُ الْجُمُعَةَ، فَإِذَا صَلَّوَا الْجُمُعَةَ أَجْزَأَتْ، وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَمَالَ إِلَى هَذَا الْقَوْلِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاقُ، وَلَمْ يَشْتَرِطَا الشُّرُوطَ الَّتِي اشْتَرَطَهَا الشَّافِعِيُّ. وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَوْلًا ثَالِثًا أَنَّهُ قَالَ: أَيُّمَا قَرْيَةٍ فِيهَا أَرْبَعُونَ فَصَاعِدًا عَلَيْهِمْ إِمَامٌ يَقْضِي بَيْنَهُمْ فَلْيَخْطُبْ، وَلْيُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ، فَفِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ ذَكَرَ إِمَامًا يَقْضِي بَيْنَهُمْ، وَلَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ الشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَاشْتَرَطَ الشَّافِعِيُّ شُرُوطًا لَمْ يَذْكُرْهَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ.
وَفِيهِ قَوْلٌ خَامِسٌ: وَهِيَ الرِّوَايَةُ الرَّابِعَةُ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، كَتَبَ عُمَرُ أَيُّمَا قَرْيَةٍ اجْتَمَعَ فِيهَا خَمْسُونَ رَجُلًا فَلْيَؤُمَّهُمْ رَجُلٌ مِنْهُمْ، وَلْيَخْطُبْ عَلَيْهِمْ، وَلْيُصَلِّ بِهِمُ الْجُمُعَةَ،.
وَفِيهِ قَوْلٌ سَادِسٌ: وَهُوَ إِذَا لَمْ يَحْضُرِ الْإِمَامَ إِلَّا ثَلَاثَةٌ صَلَّى الْإِمَامُ الْجُمُعَةَ، قَالَ الْوَلِيدُ: سَأَلْتُ الْأَوْزَاعِيَّ عَنْ إِمَامِ الْجُمُعَةِ لَمْ يَحْضُرْهُ جَمَاعَةٌ؟ قَالَ: فَلْيُجَمِّعْ بِهِمْ قَلُّوا أَوْ كَثُرُوا، قِيلَ لَهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ إِلَّا ثَالِثَ ثَلَاثَةٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَحَكَى غَيْرُ الْوَلِيدِ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ أَنَّهُ قَالَ: إِذَا كَانُوا ثَلَاثَةً فَلْيُجَمِّعُوا إِذَا كَانَ فِيهِمْ أَمِيرُهُمْ.
وَكَانَ أَبُو ثَوْرٍ يَقُولُ: الْجُمُعَةُ كَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ إِلَّا أَنَّ فِيهَا خِطْبَةً وَقَصْرًا مِنَ الْأَرْبَعِ، فَمَتَى كَانَ إِمَامٌ وَخَطَبَ بِهِمْ صَلَّى الْجُمُعَةَ، وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ يَسْأَلُهُ عَنِ الْجُمُعَةِ بِالْبَحْرَيْنِ فَكَتَبَ إِلَيْهِ أَنْ أَجْمِعُوا حَيْثُ مَا كُنْتُمْ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ مَكْحُولٍ أَنَّهُ قَالَ: إِذَا كَانَتِ الْقَرْيَةُ فِيهَا الْجَمَاعَةُ صَلَّوَا الْجُمُعَةَ رَكْعَتَيْنِ، وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي تَكُونُ فِيهَا جَمَاعَةُ الْمُسْلِمِينَ، قَالَ مَالِكٌ: إِنَّا نَقُولُ: إِذَا كَانَ فِيهَا مَسْجِدٌ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ يُجَمِّعُونَ فِيهِ، وَأَسْوَاقُهَا قَائِمَةٌ وَبُيُوتُهَا مُتَّصِلَةٌ لَيْسَ كَبُيُوتِ أَهْلِ الْبَادِيَةِ، فَأَرَى أَنْ يُجَمِّعُوا، وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْقَرْيَةِ الَّتِي اتَّصَلَ دُورُهَا: فَأَرَى أَنْ يُجَمِّعُوا الْجُمُعَةَ، كَانَ عَلَيْهِمْ وَالِي أَوْ لَمْ يَكُنْ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَرَأَيْتُ فِي حِكَايَاتِ الْمَيْمُونِيِّ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ قَالَ: كَانَ عِكْرِمَةُ يَقُولُ: إِذَا كَانُوا سَبْعَةً جَمَّعُوا، قَالَ: وَرَأَيْتُهُ كَأَنَّهُ يُعْجِبُهُ، وَحِكَايَةُ أَحْمَدَ قَوْلَ عِكْرِمَةَ قَوْلٌ سَابِعٌ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَوْجَبَ اللهُ عَلَى الْخَلْقِ اتِّبَاعَ كِتَابِهِ وَسُنَنِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ اللهُ جَلَّ ذِكْرُهُ: {أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ} [النساء: 59] الْآيَةَ، وَقَالَ اللهُ جَلَّ ذِكْرُهُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللهِ} [الجمعة: 9] الْآيَةَ، فَاتِّبَاعُ ظَاهِرِ كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ يَجِبُ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْ ظَاهِرِ الْكِتَابِ جَمَاعَةٌ دُونَ عَدَدِ جَمَاعَةٍ بِغَيْرِ حُجَّةٍ، وَلَوْ كَانَ اللهُ فِي عَدَدٍ دُونَ عَدَدٍ مُرَادٍ لَبَيَّنَ ذَلِكَ فِي كِتَابِهِ، أَوْ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا عَمَّ وَلَمْ يَخُصَّ كَانَتْ الجُمُعَةُ عَلَى كُلِّ جَمَاعَةٍ فِي دَارِ إِقَامَةٍ عَلَى ظَاهِرِ الْكِتَابِ، وَلَيْسَ لِأَحَدٍ مَعَ عُمُومِ الْكِتَابِ أَنْ يُخْرِجَ قَوْمًا مِنْ جُمْلَتِهِ بِغَيْرِ حُجَّةٍ يَفْزَعُ إِلَيْهَا، وَهَذَا يَلْزَمُ مِنْ مَذْهَبِهِ الْقَوْلُ بِعُمُومِ الْكِتَابِ، وَأَنْ لَا يُحَالَ ظَاهَرٌ مِنْهُ إِلَى بَاطِنٍ، وَلَا عَامٌّ إِلَى خَاصٍّ إِلَّا بِكِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ أَوِ اتِّفَاقٍ، وَقَدِ اخْتَلَفَتِ الرِّوَايَاتُ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَقَدْ ذَكَرْنَاهَا، وَلَوْ لَمْ تَخْتَلِفِ الرِّوَايَاتُ عَنْهُ مَا وَجَبَ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ ظَاهِرِ الْكِتَابِ بِقَوْلِهِ، وَلَيْسَ لِاحْتِجَاجِ مَنِ احْتَجَّ بِقِصَّةِ أَسْعَدَ فِي أَنْ لَا تُجْزِئَ جُمُعَةٌ بِأَقَلَّ مِنْ أَرْبَعِينَ حَجَّةً، إِذْ لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَخْبَارِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُمْ إِذَا كَانَ عَدَدُهُمْ كَذَا أَنْ يُصَلُّوا، أَوْ إِنْ نَقَصُوا مِنْ ذَلِكَ الْعَدَدِ لَمْ يُصَلُّوا، إِنَّمَا كَتَبَ أَنْ يُصَلِّيَ بِمَنْ مَعَهُ، وَلَوْ وَرَدَ كِتَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَدَدُهُمْ أَقَلُّ مِنْ أَرْبَعِينَ فَتَرَكَ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِمْ، لَكَانَ تَارِكًا لِمَا أَمَرَهُ بِهِ، وَدَفَعَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْجُمُعَةَ إِنَّمَا تُصَلَّى فِي مِصْرٍ أَوْ مَدِينَةٍ تَكُونُ فِيهَا قَاضِي يُنْفِذُ الْأَحْكَامَ وَيُقِيمُ الْحُدُودَ، بِأَنَّ بَعْضَ أَصْحَابِهِ قَدْ صَلَّى بِالْمَدِينَةِ الْجُمُعَةَ وَلَيْسَ فِيهَا مِنْبَرٌ وَلَا قَاضِي وَلَا كَانَتِ الْحُدُودُ تُقَامُ بِهَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ.
1749- حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ زَكَرِيَّا، قَالَ: ثنا أَبُو سَلَمَةَ يَحْيَى بْنُ خَلَفٍ قَالَ: ثنا عَبْدُ الْأَعْلَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، عَنْ أَبِيهِ أَبِي أُمَامَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: كُنْتُ قَائِدًا لِأَبِي حِينَ ذَهَبَ بَصَرُهُ، فَكُنْتُ إِذَا خَرَجْتُ بِهِ إِلَى الْجُمُعَةِ فَسَمِعَ الْأَذَانَ اسْتَغْفَرَ لِأَبِي أُمَامَةَ أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ وَدَعَا لَهُ، فَمَكَثْتُ أَسْمَعُ ذَلِكَ مِنْهُ، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: إِنَّ ذَا لَعَجْزٌ، إِنِّي أَسْمَعُهُ كُلَّمَا سَمِعَ الْأَذَانَ لِلْجُمُعَةِ اسْتَغْفَرَ لِأَبِي أُمَامَةَ وَيُصَلِّي عَلَيْهِ وَلَمَّا أَسْأَلُهُ عَنْ ذَلِكَ لِمَ هُوَ؟ قَالَ: فَخَرَجْتُ بِهِ كَمَا كُنْتُ أَخْرُجُ إِلَى الْجُمُعَةِ، فَلَمَّا سَمِعَ الْأَذَانَ اسْتَغْفَرَ كَمَا كَانَ يَفْعَلُ، قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَبَتَاهُ: أَرَأَيْتَ صَلَاتَكَ عَلَى أَسْعَدَ كُلَّمَا سَمِعْتَ النِّدَاءَ بِالْجُمُعَةِ لِمَ هُوَ؟ قَالَ: أَيْ بُنَيَّ كَانَ أَوَّلَ مَنْ صَلَّى بِنَا الْجُمُعَةَ قَبْلَ مَقْدَمِ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَكَّةَ فِي نَقِيعِ الْخَضِمَاتِ فِي هَزْمٍ مِنْ حِرَّةِ بَنِي بَيَاضَةَ، قَالَ: فَكَمْ كُنْتُمْ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: أَرْبَعِينَ رَجُلًا وَقَدْ صَلَّى رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوَّلَ مَا قَدِمَ الْمَدِينَةَ وَلَيْسَ فِيهَا مِنْبَرٌ، وَلَيْسَ الْمِنْبَرُ وَالْقَاضِي وَالْحُدُودُ مِنْ أَمْرِ الصَّلَاةِ بِسَبِيلٍ، وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: فِي قَوْلِ عَلِيٍّ: لَا جُمُعَةَ وَلَا تَشْرِيقَ إِلَّا فِي مِصْرٍ جَامِعٍ: الْأَعْمَشُ لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ سَعْدٍ.